أتوجّه بالشكر إلى فريق شركة "ماكينزي" الذي أصدر تقريراً عالمياً عن تأثير الأتمتة على مستقبل سوق الوظائف. فقد أطلعت مع فريق عملي على الاستنتاجات التي وردت في التقرير.
يطرح التقرير نقاطاً مشروعة عن سوق العمل بعد سنة 2030. ويحذّر من أنه في بعض القطاعات، مثل الزراعة والتصنيع، يمكن أن يفقد 400 إلى 800 مليون شخص، بحسب التقديرات، وظائفهم بسبب الأتمتة.
يجب أن نأخذ مضمون التقرير على محمل الجد لتجنّب خسارة أعداد هائلة من الوظائف في المستقبل. فإذا لم يؤخَذ بهذه الاستنتاجات والأرقام، ولم يُعمَل بالنصائح، باعتقادي أنه يمكن أن نشهد على زيادة في نسبة الفقر في العالم.
لذلك أناشد الجامعات والمربّين تحضير أولادنا وأحفادنا في شكل أفضل لمستقبل سوق العمل.
يسلط تقرير شركة "ماكينزي" الضوء على الحسنات والسيئات التي يمكن أن تترتب عن الأتمتة، والذكاء الاصطناعي، واستخدام الإنسان الآلي أو الروبوت. ويلفت التقرير إلى أن الأعمال والشركات ستحقق منافع مهمة، وذلك من خلال تحسّن الإنتاجية والنمو الاقتصادي.
لكنني قلق على البشرية في شكل عام. يمكن أن يخسر أصحاب المهارات مصدر رزقهم إذا لم يكونوا مستعدّين للتغيير. ما يقلقني أن المهندس أو الطبيب لا يستطيع أن يغيّر مهنته بلمح البصر. ولذلك علينا أن نحرص على تزويد الأشخاص بالمهارات المناسبة من أجل المستقبل.
علينا أن نجهّز شبابنا، ونحرص على حصولهم على التدريب المناسب، ليتمكّنوا من استخدام مهاراتهم في الممارسة العملية. يتحدث التقرير عن نزوح كبير للقوة العاملة العالمية، وحاجة عدد كبير من الأشخاص إلى إعادة التوظيف. يجب أن نأخذ هذه المسألة على محمل الجد.
يجب أن نُعِدّ شبابنا لتعلّم مهارات تكون ذات فائدة ومنفعة لهم في المستقبل. يجب أن يتمتعوا بمهارات عملية، لأن المؤهلات الأكاديمية ليست كافية لوحدها، ولا تُفيدهم بشيء. وينبغي أن نحرص أيضاً على أن يتمكّن أصحاب الكفاءات العالية من نقل مهاراتهم واستخدامها في العالم الجديد. وإلا، لن يتمكنوا من الحصول على وظيفة.
يرد في التقرير أنه حتى مع انتشار الأتمتة، يمكن أن يزداد الطلب على العمّال على ضوء النمو الذي ستحققه الاقتصادات نتيجة الأتمتة. أتمنّى أن يحدث ذلك. إنما علينا توخّي الحذر والحرص على امتلاك المهارات المطلوبة من أجل التأقلم والتكيف مع المتغيّرات.
تشير شركة "ماكينزي" في تقريرها إلى أن تحوّلات كبرى تكمن في الأفق. وتعتبر أنه سيتوجّب على 14 في المئة من القوة العاملة العالمية، أو 375 مليون شخص، تبديل فئتهم الوظيفية بحلول سنة 2030. في رأيي، الكلام أسهل من الفعل.
أناشد الحكومات والمربّين والمستخدِمين في العالم الحرص على تحضير موظّفيهم للتغيير. ويعني ذلك تقديم الدعم لهم، وإعادة تثقيفهم، وتزويدهم بالتدريب الضروري كي لا يصبحوا خارج القوة العاملة.
علينا أن نتبنّى التكنولوجيا، إنما ليس على حساب الجنس البشري. أناشد الجميع التفكير في تأثير عالم المستقبل على خياراتهم الوظيفية كي يبدأوا بالتأقلم والتكيف، ويكون لهم مستقبل في العالم الآخذ في التطور والتقدم.
غالب الظن أن خسارة الوظائف ستتركّز في شكل خاص في الوظائف المعرَّضة للاجتياح من الأتمتة، مثل الوظائف التي تتطلب مجهوداً جسدياً، كالعمل اليدوي، أو وظائف على غرار تشغيل الآلات أو إعداد الوجبات السريعة، وجمع البيانات ومعالجتها. أما الوظائف التي لن تتأثر بالأتمتة بالدرجة نفسها فتشمل إدارة الأشخاص، وتطبيق الخبرات، وكل ما له علاقة بالتفاعل الاجتماعي.
أودّ أن أشدّد على التحذير الذي وجّهته شركة "ماكينزي"، ومفاده أنه إذا لم تتم المبادرة سريعاً إلى توظيف العمّال النازحين من وظائفهم، ستواجه البلدان ارتفاعاً في معدلات البطالة وتراجعاً في الرواتب والأجور.
وشكراً،