في خضم الاضطرابات والصدمات العنيفة التي يشهدها عالمنا العربي، آن الآوان كي تثبت #دول #الخليج وجودها كقوّة موحّدة تعمل من أجل الخير. هذه هي الرسالة التي دأبتُ على توجيهها إلى القادة في مجلس التعاون الخليجي منذ سنوات عدّة، ولذلك سررت عندما سمعت العاهل السعودي الملك عبدالله يحث نظراءه من قادة #دول مجلس التعاون الخليجي على "الإنتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد ضمن كيان واحد" لمواجهة التحدّيات في شكل أفضل ودرء التهديدات المتزايدة. وقد لقيت المبادرة، في مؤشّر مشجّع، ترحيباً من #دول #الخليج التي ستشكّل لجنة تتولى مهمة لدراستها.
أنا شخصياً أتطلع لقيام اتحاداً لدول #الخليج يحكمه قائد واحد يتم اختياره دورياً ـ على أن يمتلك سلطة كاملة على جيش الاتحاد وقوّاته البحرية والجوية في حالات الدفاع والتدخّل على السواء. في هذه #المنطقة حيث تزداد الأوضاع خطورة، علينا أن نقرّر، إما أن نكون لاعبين وإما نترك الآخرين يتلاعبون بنا.
التهديد الأكبر للمنطقة هو أسلوب إيران المراوغ في نشر أيديولوجيتها التي تستخدمها إلى جانب ثروتها النفطية وأسلحتها لتقسيم منطقتنا واستقطاب جماعات ودول يأتمرون بأوامرها. بعد انسحاب آخر القوات القتالية الأمريكية من العراق، لن ينقضي وقت طويل قبل أن يبدأ ذلك البلد بالدوران في فلك النفوذ الإيراني لا سيما وأن كبار الشخصيات في الحكومة العراقية معروفون بولاءهم لطهران أو للأئمة الإيرانيين. وقد بدأت المشاكل تلوح في الأفق. ففي الأيام الأخيرة، قاطعت الكتلة السنّية الأساسية مجلس النواب، وأجاز رئيس الوزراء الموالي لإيران إصدار مذكّرة توقيف بحق نائب الرئيس السنّي طارق الهاشمي.
لن أُفاجأ إذا شكّلت إيران والعراق في المستقبل نوعاً من الوحدة السياسية والعسكرية وربما أيضاً اتحاداً فدرالياً والتي من شأنها أن تعرّض #دول #الخليج للهشاشة والحصار من كل الجهات. الفرصة المتاحة أمام هذه الدول وحلفائها لإنقاذ العراق من الوقوع في قبضة البراثن الإيرانية، تتقلص، ولذلك ينبغي على قادة الدول الخليجية دعم الوطنيين العراقيين، السنّة والشيعة على السواء، الأوفياء لإرثهم العربي والمتمسّيكن باستقلال العراق، كي لا تتلقّى بغداد الأوامر من الأئمة في قم. لا يمكننا أن نسمح بظهور عدو على أعتابنا؛ ويجب أن نضع أمن بلداننا في صدارة أولوياتنا قبل اللياقات الدبلوماسية وادّعاء العلاقات الودية. باختصار، على #دول الخليح أن تتّحد وتتحرّك لتفادي حدوث مثل هذا السيناريو قبل أن يصبح أمراً واقعاً.
لو كنّا نعيش في عالم مثالي، لوجب أن تقع حماية الدول والمصالح العربية على عاتق الجامعة العربية، لكن لسوء الحظ، لطالما افتقرت هذه المنظّمة إلى الفاعلية، ولا سيما في الوقت الراهن نظراً إلى أن عدداً كبيراً من أعضائها ممزَّق من الداخل فمثلاً مصر، كبرى دولنا، تقبع الآن في العناية الدقيقة المركزة. لقد كنت أعلّق آمالاً كبيرة على الجامعة العربية، لكننا نرى من خلال تعاطيها مع المسألة السورية، ان جامعتنا وللأسف الشديد متردّدة وضعيفة للغاية ولا تستطيع بالتالي إحداث فرق حقيقي على أرض الواقع. جل ما تجيده هو عقد القمم والخروج بمقترحات، لكنّ جهودها ستظلّ تضيع هباءً إذا لم تمارس هيبتها وتتصرّف بحزم.
يوجّه ممثّلو الجامعة العربية منذ أشهر دعوات إلى نظام الأسد لوقف السجن والتعذيب والقتل، والسماح للمراقبين المحايدين بدخول البلاد، إنما من دون جدوى. وعلى الرغم من ذلك، لم يتمكّنوا من اتّخاذ موقف موحّد وصارم حول سوريا. قبل الاجتماع الذي عُقِد مؤخراً بين ممثّلي الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي في القاهرة، سألت مسؤولَين كبيرين في مجلس التعاون الخليجي ما الذي يتعيّن على المجلس فعله لإنقاذ السوريين من رئيسهم وأزلامه. فكان الجواب أن الجزائر والسودان ولبنان والعراق تضع العراقيل التي تحول دون تطبيق قرارات واجرآت حازمة.
قد نعذر لبنان إلى حد ما على موقفه هذا، فهو بلد صغير يقع على الحدود مع سوريا وحكومته تحت سيطرة أطراف وقوى مواليةٍ للسلطة السورية وتنفّذ سياساتها. والعراق أيضاً يقع على الحدود السورية، ويتلقّى رئيس وزرائه نوري المالكي أوامر من المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي للاستمرار في دعم نظام الأسد وانقاذه. وتقيم الخرطوم روابط عسكرية مع طهران، وتسعى حالياً إلى توثيق التعاون معها. لكن ما يفاجئني هو الموقف الجزائري. فقد كان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يعيش في الإمارات العربية المتحدة وينعم بخيراتها، والآن يقف بمواجهة من دعموه في السابق ومن هم حريصون على إبداء التضامن مع إخوانهم السوريين.
لن تتمكّن الجامعة العربية من النهوض بمسؤولياتها ما دامت إيران تحرّك بعض الدول الأعضاء فيها. لقد استغرقت الجامعة أشهراً لإقناع الأسد بالتوقيع على ورقة يتعهّد فيها بوضع حد لقمع السكّان العزّل، وإجراء إصلاح سياسي، والسماح لمراقبي الجامعة العربية بدخول البلاد. لكن في اليوم نفسه الذي وُقِّع فيه الاتفاق بكثير من الصخب، لقي نحو 150 سورياً مصرعهم.
من الواضح أن النظام السوري وافق على توقيع هذا الاتفاق لكسب الوقت فقط، في مناورة تهدف إلى قطع الطريق أمام تنفيذ الجامعة العربية لتهديدها برفع الملف السوري إلى مجلس الأمن الدولي. كان كلام رئيس الوزراء القطري الذي قال فيه إن الشعب السوري هو من يحدّد بقاء نظام الأسد أو تنحّيه، مخيّباً للآمال. لقد فقد الأسد مصداقيته بالكامل بعدما لقي ما يزيد عن ستة آلاف شخص مصرعهم وتعرّض عدد كبير جداً من الرجال والنساء والأطفال للتعذيب، ناهيك عن أن أكثر من مئة ألف شخص يقبعون في السجون. هذا ويتدفّق المرتزقة إلى سوريا من إيران والعراق، ويستخدم النظام ميليشيات حكومية لقتل المواطنين بوحشيّة من دون أن يرحم أحداً، رجالاً أو نساء، أطفالاً أو شيوخاً. في جميع الأحوال، التظاهرات الحاشدة التي تعمّ البلاد هي #خير دليل على أن الشعب السوري قال كلمته.
إن الوضع السوري أضحى في غاية الخطورة . فإذا لم تنفّذ الجامعة العربية تهديدها بإحالة المسألة السورية إلى مجلس الأمن الدولي، فعلى قوّة التدخّل السريع التابعة لمجلس التعاون الخليجي بالاشتراك مع الجيش الأردني أن "تشجّع" الرئيس الأسد على التنحّي.
من واجبنا، نحن أحفاد أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وخالد بن الوليد، أن نتّخذ موقفاً ضد القمع والظلم. نحن نقف وقفة المتفرج في منطقتنا منذ زمن طويل جداً وكأن الأمر لا يعنينا. يجب أن نرفض القول العربي "إذا سلمت أنا وناقتي، ما علي من رفاقتي". وعلينا أن نتذكّر أيام #جمال_عبد_الناصر الذي وضع شرف العرب وكرامتهم في قمة أولوياته. إذا تحوّل مجلس التعاون الخليجي اتّحاداً من #دول #الخليج، فسوف يتمكن من القيام بالدور الكامل لحماية مواطنيه وسوف يتسع هذا الدور إلى كافة أنحاء العالم العربي.
في الختام، أقول لقادة #دول مجلس التعاون الخليجي، إن اتحادكم سيكون تتويجاً لطموحات شعوبكم.