لطالما اشتهر البريطانيون باحترامهم لحقوق الإنسان والحريات المدنية فضلاً عن سلوكياتهم المتسامِحة تجاه الشعوب ذوي المعتقدات الدينية والثقافات المختلفة. ترفع #بريطانيا شعار" عش حياتك ودع الآخرين يعيشون حياتهم"، فنادراً ما يتدخّل الأشخاص في شؤون الآخرين أو يكترثون لسلوك أو لباس غريب أو خارج عن المألوف.
أنا محظوظ لامتلاكي منزلاً رائعاً في الريف الإنجليزي محاطاً بحقول خضراء. غالباً ما أتردّد إلى ذلك المكان الهادئ كي أسترخي وأتزوّد بالطاقة من جديد، ولطالما شعرت بأنني في دياري وسط أبناء البلدة حيث يقع المنزل.
عشقي الشديد والراسخ للمملكة المتحدة ونمط العيش البريطاني هو الذي يحفّزني الآن لتسليط الضوء على ما تشهده من تغيير في طابعها، والتهديدات المحدقة بهويتها والتي تُحجم الحكومة عن معالجتها.
تتسبّب القوانين البالية التي عفا عليها الزمن، والحريات المدنية المنصوص عليها في نصوص متصلّبة، وثقافة الصوابية السياسية التي تلامس حد السخافة، بأضرار فادحة للبلاد وشعبها.
كل القيم النبيلة التي رفعت #بريطانيا لواءها على مر العصور تنهار الآن تحت تأثير شعوب غريبة مصممة على إلحاق الأذى بالبلاد. باختصار، أدّى التقبّل البريطاني للآخر – أو بالأحرى لا مبالاة المسؤولين – إلى ظهور أرتال جحافل من الأعداء الداخليين الذين يكرهون الديمقراطية، ويتحيّنون الفرصة المناسبة لشنّ ضربتهم.
إلى جانب الجذور الضاربة لجماعة "#الإخوان_المسلمين" الإرهابية في المجتمع البريطاني، والحرية المتاحة لعناصر "#داعش" وسواها من التنظيمات الإرهابية لتوزيع مناشير التجنيد، مُنِحت عشرات آلاف النساء الشيعيات المتّشحات بالسواد ترخيصاً العام الماضي لتنظيم مسيرة في #شارع_أكسفورد الأساسي في #لندن، وهنّ يرفعن الملصقات والرايات ويطلقن الهتافات إحياءً لذكرى #عاشوراء. توقّفت حركة السير. وكُلِّف عناصر الشرطة مواكبة المسيرة.
حسناً، قد يقول قائل إن هؤلاء النساء لم يتسبّبن بأي أذى. في الواقع، تكمن المشكلة في ما يجسّدنه – أيديولوجيا تشجّع جلد الذات وإراقة الدماء من خلال جرح رؤوس الأطفال بالسيوف كفّارةً عن استشهاد #الإمام_الحسين. نعم، ما قرأتموه صحيح. جرح رؤوس الأطفال.
قبل بضعة أيام، شاهدت مقطع فيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي؛ ما رأيته أشبه بالكوابيس. كان المشهد مروّعاً ومزعجاً للغاية إلى درجة أنني تمنّيت لو أنني لم أشاهده. كان رجل شيعي يشق رأس طفل مذعور يمسك به رجل آخر.
وانتشرت صورة عبر موقع "فايسبوك" لوالدة فخورة ترتسم ابتسامة على وجهها وهي تعرض طفلها المضرّج بالدماء أمام عدسات الكاميرات إلى جانب طفل آخر في حالة مشابهة. إنها همجية مطلقة لا تمت للدين الإسلامي بصلة لا من قريب ولا من بعيد.
قبل بضعة أعوام، نشرت صحيفة "مايل أون صنداي" صوراً فوتوغرافية مروّعة لرجال شيعة "يسلخون جلد ظهرهم" بواسطة سياط مزوّدة بشفرات مقوَّسة، "فيما كانت الحشود تنظر وهي تطلق الهتافات والصراخ وتلطم صدورها".
أضاف المقال: "لكن هذه المشاهد المروعة لم تحدث في #إيران أو #العراق أو أي مكان آخر في #الشرق_الأوسط – بل في ضواحي #بريطانيا، كما أن جزءاً منها حصل في أرضٍ تابعة لمجلس محلي". كان مجلس #واندسوورث قد منح الإذن في وقت سابق من أجل القيام بهذه الممارسات المثيرة للاشمئزاز تحت خيمة كبيرة.
لست أفهم حقاً لماذا تتملق الحكومة البريطانية والسلطات المحلية إلى هؤلاء المنحرفين دينياً الذين يشوّهون رسالة #الإسلام النبيلة عن العدالة والسلام. أسوأ من ذلك، يدينون في معظمهم بالولاء لإيران، الدولة الراعية الأكبر للإرهاب في العالم.
وفقاً لتقرير نشرته وكالة "أسوشييتد برس" العام الماضي، كانت #إيران في صدد "إنشاء شبكة إرهابية عالمية تضم خلايا نائمة قادرة على شنّ هجمات في #أوروبا والولايات المتحدة". أؤكّد لكم أن الخلايا النائمة الإيرانية ليست رواية ملفّقة من صنع مخيّلة جامحة.
العام الماضي، نظرت محكمة إماراتية في قضية إنشاء #الحرس_الثوري_الإيراني خلية إرهابية تابعة لـ"#حزب_الله" في دولة #الإمارات، وعام 2015، أدانت محكمة كويتية 23 شخصاً بتخزين أسلحة والتجسّس لحساب #إيران وعميلها اللبناني.
في حال انسحبت #الولايات_المتحدة من الاتفاق النووي وفرضت مزيداً من العقوبات على #إيران على خلفية تجربتها الصاروخية غير القانونية التي تشكّل خرقاً لقرارات #الأمم_المتحدة، من المرجح أن #المملكة_المتحدة سوف تحذو حذوها. وإذا كانت #إيران تمتلك خلايا نائمة في أوساط #الشيعة في #بريطانيا، فقد تعمد إلى تحريكها بدافع الانتقام.
كان القرار الذي اتخذته غالبية الناخبين البريطانيين بالانسحاب من #الاتحاد_الأوروبي، خاطئاً في رأيي. لكنني أتعاطف مع مؤيّدي الانسحاب الذين قالوا إنهم يريدون استعادة بلادهم.
إنهم في شكل عام أشخاص قلقون من فقدان بلادهم لهويتها بسبب الباب الذي فتحته الحكومات المتعاقبة أمام المهاجرين. لقد بدأ صبرهم ينفد، تماماً كما أن صبرنا سينفد إذا اجتاحت جحافل من المتعصبين شوارعنا وهم يطلقون الشتائم تجاه عناصر الشرطة والحكّام.
في الحقيقة، لقد خرج الحصان عن طوره. الطابع البريطاني في جوهره الذي كانت تتميز به #إنجلترا والذي أُغرِمتُ به في مطلع السبعينيات لم يعد له وجود، لكن هذا لا يمنع أنه بإمكان #بريطانيا أن تخرج من هذا كله بصورة أفضل تعكس المستقبل الذي يصبو إليه البريطانيون، وبما ينسجم مع متطلبات القرن الحادي والعشرين.
يحتل الأمن وإيجاد الوظائف والحفاظ على القيم البريطانية التقليدية صدارة الأولويات بالنسبة إلى هؤلاء البريطانيين. سيكتشفون قريباً أن الانسحاب من #الاتحاد_الأوروبي ليس عصا سحرية، لأن ذوي الآراء الأكثر تطرفاً هم أيضاً من حملة جواز السفر البريطاني.
تتحمل السلطات البريطانية مسؤولية إفراطها في الليونة والتساهل. لقد تردّدت في الضرب بيد من حديد لردع مرتكبي الجرائم الذين يزعمون أنهم مسلمون، خوفاً من زعزعة العلاقات بين أبناء الجماعات المختلفة.
وخير مثال على ذلك الفضيحة المتعلقة بعصابة من البريطانيين-الباكستانيين الذين يعتدون على الأطفال. لقد استهدفت هذه العصابة 1400 فتاة بيضاء في بلدة روثرهام على امتداد سنوات طويلة عن طريق ادّعاء عناصرها بأنهم عمّال اجتماعيون، وعزت الشرطة سبب تغاضيها عن العصابة إلى أنها لا تريد أن تُتَّهم بأنها تمارس التمييز ضد أقلية عرقية.
ينبغي على #المملكة_المتحدة أن تبادر إلى التحرك بفاعلية للحؤول دون وقوع صدام محتوم للثقافات. على القوانين أن تفرض احترام العلم البريطاني والأسرة المالِكة. وكل من يُظهر مؤشرات ولو طفيفة بانتمائه إلى جماعات إرهابية، يجب ترحيله أو سجنه. يجب أن تكون الاحتجاجات في الشوارع امتيازاً وليس حقاً مضموناً.
أخيراً، يجب أن تخضع المجموعات غير الراغبة في الاندماج، للمراقبة عن كثب. تدرك #الولايات_المتحدة ذلك، شأنها في ذلك شأن العديد من البلدان الأوروبية التي اتخذت تدابير جريئة من أجل التصدّي للنزعات التي تتسبّب بزعزعة الاستقرار. فما هو المطلوب كي تستيقظ #بريطانيا وأخيراً من سبات الصوابية السياسية وتفعل الشيء نفسه؟