سيكون 2009 اختباراً صعباً للعالم قاطبة. اقتصاديات الدول المتقدمة تحولت كلها من حالة الازدهار إلى التراجع. وشبح الانكماش يلقي بظلاله على المشهد المالي العالمي. لكن لا شيء يدوم للأبد. وبعد التراجع سنعود لنشهد بيئة مختلفة تأخذ نشاطها من أفكار جديدة. وحينها سنكون قد تعلمنا المزيد من الدروس وأرسينا معايير اقتصادية جديدة وأعتقد أن عجلة #الاقتصاد ستعود للدوران كالمعتاد قريباً جداً. والحقيقة هي أن #الإمارات في موقع أفضل من معظم دول العالم الأخرى للصمود في وجه التراجع العالمي.
احتفلت #الإمارات بالعيد الوطني في 2 #ديسمبر الماضي. وصبيحة ذلك اليوم خرجت بسيارتي إلى مكتبي ونظرت إلى ما حولي في الطريق وكأني أراه لأول مرة: هذه المدينة العالمية التي نالت إعجاب العالم أجمع وننظر إليها الآن وكأنها شيء عادي قد نهضت من الرمال في أقل من أربعة عقود. لو لم يكن مقدراً لي أن أراها رؤيا العين لما كنت صدقت أن ذلك يمكن أن يحدث فعلاً.
كانت تلك الشوكة بين المواطنين والقادة في #الإمارات هي التي وفرت الطاقة اللازمة لبناء هذه الأعجوبة والقول بأن مثل هذا التطورالاستثنائي يمكن أن يتراجع أمام أزمة عابرة هو مزاعم تثير في النفس الحنق. إن الأفكار والإبداعات والعمل الدؤوب وروح التحدي التي صاغت هذه البلاد المفعمة بالحياة مازالت كلها حاضرة. كما أنها وقبل كل شيء ستحمينا من هذا الاضطراب المالي العالمي.
الأهم من ذلك هو أن القواعد التي يقوم عليها اقتصادنا قوية. نحن دولة يسكنها 4,6 مليون نسمة فقط ومع ذلك بلغ إجمالي ناتجها المحلي 167,3 مليار دولار في 2007 وبزيادة بلغت 7,4 % عن العام السابق. ويتوقع أن يبلغ النمو 6,8 % في 2008 فيما أعلنت الشركات الوطنية عن نمو أرباحها 44 في المئة في الربع الثالث. أفلا يكفي كل ذلك لجعلنا نتوقف عن مواصلة رؤية النصف الفارغ من الكأس؟
وتعكس ميزانية 2009 عزم حكومة #الإمارات على مواصلة برنامجها الرصين لتنويع #الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وزيادة حصة القطاعات المصرفية والسياحيةو الإنشاءات والعقارات – وهي القطاعات الرئيسية الحالية – إلى جانب الصناعة. هذا بالإضافة إلى أن #الإمارات تتمتع بفائض مالي ضخم فيما تعتبر صناديق الثروة السيادية فيها الأكبر في العالم. وبالنظر إلى الوراء الآن نقول إن صناديق الثروة والصناديق السيادية في الخليج كان يجب أن توجه قدراً أكبر من استثماراتها في اقتصادياتها المحلية المزدهرة وأنه يجب عليها الآن أن تعدل استراتيجياتها لما فيه المصلحة الوطنية.
لقد أعطى مؤشر ليغاتوم للرخاء في 2008 #الإمارات المرتبة 28 على مستوى العالم. ومثل هذا الترتيب العالي لم يكن مفاجئاً، فالناس من مختلف أرجاء العالم تأتي إلى #الإمارات بحثاً عن حياة أفضل في بلد معروف عالمياً باستقراره وأمانه وأسلوب حياته. #الإمارات بلد رفيع المستوى وسيواصل جذب الناس إليه من مختلف أرجاء الأرض.
ولاستيعاب هذا النمو المتواصل في حركة المسافرين تنفذ الناقلتان الوطنيتان في الدولة، طيران #الإمارات وطيران الإتحاد، خطط توسع كبيرة كما يتم حالياً تنفيذ توسعات هائلة لمطار أبوظبي الدولي تبلغ تكلفتها 6,8 مليارات دولار كما يتم بناء مبنى ثالث للركاب في مطار دبي الدولي بتكلفة 1,3 مليار دولار هذا إلى جانب المطار الجديد الذي تبنيه دبي في جبل علي والذي سيكون من أكبر المطارات في العالم بالتوازي مع النمو الكبير في القطاع العقاري والفندقي.
ولهذا يتوجب على المصرف المركزي في #الإمارات أن يضع الآليات لمساعدة المطورين العقاريين والمؤسسات الكبيرة وتشجيعها على المضي قدماً بمشاريع جديدة لأنها لا تمثل فحسب استثمارات نقدية محلية بل هي تدعم أيضاً القطاعات ذات الصلة بها إلى جانب توفيرها لفرص العمل. كما يتوجب على المصارف المدعومة بأموال من الحكومة أن تواصل توفير السيولة والقروض للمشاريع والشركات.
وقد أشار المصرف المركزي بالفعل إلى أنه يدرس فكرة تأسيس صندوق لتسهيل الإقراض العقاري وهو ما سيكون أمراً مفيداً لو تم. وبالنظر إلى الظروف الراهنة، يتوجب على المصرف المركزي تجنب إغلاق المصارف في إجازات مطولة. إذ على المصارف أن تقطع إجازاتها المعتادة خلال هذه المرحلة بحيث لا تتعطل المعاملات المصرفية.
في 20 يناير يبدأ عهد جديد في البيت الأبيض بفريق قوي من خبراء #الاقتصاد ينتظر منهم تجديد الثقة في الاقتصادين الأمريكي والعالمي. وإذا ما تمكنت هذه الوجوه الجديدة والمتمرسة من أن تتغلب على الحالة العصبية في أوساط #المستثمرين، من المؤكد حينها أن تعود #الإمارات إلى التقدم سريعاً إلى جانب الدول الأخرى. وإلى حين أن يتحقق ذلك، سيتمكن #المستثمرين الأذكياء هنا من الفوز بفرص غير مسبوقة في اللحظة التي يرون فيها أن السوق قد وصل إلى القاع. والشيء نفسه ينطبق على أسواق الأسهم التي أنهكها المزاج السلبي غير العقلاني بعد أن أخذ المستثمرون الأجانب بالهروب نتيجة أزمة الائتمان العالمية.
وبالتوازي مع ذلك يجب أن يتوقف الترويج غير المسؤول للشائعات وأسلوب الإثارة في وسائل الإعلام. وأناشد صحافتنا وقنواتنا التلفزيونية أن تكف عن الاندفاع في هذه الموجة. كما يجب على وسائل الإعلام أن تمتنع عن توفير منصة للمحللين الماليين غير المسؤولين الذين لا يعرفون سوى التطبيل والتهويل أو ممثلي المؤسسات المالية التي كانت هي السبب في إطلاق شرارة هذه الأزمة المالية العالمية. كذلك فإن التقييمات التي لا أساس لها من جانب مؤسسات التصنيف لا تقل أذى.
نعم، ربما يكون بلدنا قد بني على الرمال بالمعنى الحرفي، غير أن أولئك الذين يملؤهم الغل ويكتبون في معظمهم في وسائل الإعلام الغربية سيكتشفون قريباً أن أساسات هذا البلد لا تقل صلابة عن الماس وسيعرفون كم هى قوية إدارة أهله.
العالم سيعرف 2009 بأنه عام #الفرص أما نحن فسنعرف بقدرتنا على اكتشاف هذه #الفرص واقتناصها.