في الوقت الذي يطالب فيه المواطنون في مختلف أنحاء #الشرق_الأوسط بالتغيير السياسي، يجب ألا يُسمَح لإيران بأن تستمرّ في ممارسة القمع والتمييز المنظّمَين ضد حوالى ثمانية ملايين عربي في #الأحواز.
تبلغ مساحة #الأحواز – المسمّاة خوزستان في #إيران – نحو 72000 ميل مربّع تحدّها جبال زاغروس من الشمال والشرق، والعراق من الغرب، والكويت من الجنوب. ومدنها الأساسية هي العاصمة #الأحواز وعبادان والمحمرة. وقد أنعَم الله عليها بإحتياطات كبيرة جداً من النفط والغاز وبأراضٍ زراعية خصبة، بيد أن سكّانها العرب فقراء وأمّيون في غالبيتهم الساحقة، ويفتقرون إلى المؤسسات التعليمية والطبّية الحديثة.
تمارس طهران التمييز بحق عرب #الأحواز منذ احتلّ الشاه رضى شاه وطنهم وضمّه إلى #إيران عام 1925؛ فهم يُعامَلون كمواطنين من الدرجة الثالثة متروكين لعيش حياة بدائية، ولا يتمتّعون حتى بالحقوق السياسية الأساسية التي تحظى بها الأقلية الفارسية التي تمّ توطينها في #الأحواز وتطلق هذه الأقلية على سكان الاحواز العرب اسم "الغجر".
في يونيو/حزيران 2005، عبّر مدير مؤسسة #الأحواز للتعليم وحقوق الإنسان، كريم عبديان، عن محنة سكان #الأحواز أمام الأمم المتحدة في جنيف، شارحاً أنّ #الأحواز العرب مهمشين ويعانون من نقص في مياه الشرب والكهرباء والهاتف والصرف الصحي. قال إن خمسين في المئة يعيشون في فقر مدقع، في حين أن 80 في المئة من الأطفال يتعرّضون لسوء التغذية.
يعاني العرب #الأحواز المحرومون من قلّة في التمثيل في البرلمان الإيراني، ولا يحصلون سوى على عدد ضئيل من المناصب الحكوميّة ويتّهمون النظام الإيراني بأنه ومن منطلق عرقي منحاز سياسياً واقتصادياً انطلاقاً من اعتبارات عرقية، ولذلك تطالب بعض المجموعات بتحرير #الأحواز من القبضة الإيرانية واعتراف الأمم المتحدة بها دولة عربية مستقلّة.
بيد أن الحكومة الإيرانية تحاول قطع الطريق أمام مطالبهم عبر إنشاء مستوطنات زراعية ذاتية الاكتفاء وإسكان إيرانيين من أصل فارسي في هذه المستوطنات للعمل فيها وتشغيلها في إطار استراتيجية مدروسة لتغيير الطابع الديموغرافي للمنطقة.
ورد في تقرير لمنظمة العفو الدولية أنه: "تشير التقارير والمعلومات إلى أن السلطات الإيرانية تصادر مساحات شاسعة من الأراضي بهدف حرمان العرب من أراضيهم. ويبدو أن هذا يندرج في سياق استراتيجية غايتها نقل العرب بالقوّة إلى مناطق أخرى مع تسهيل انتقال غير العرب إلى خوزستان...".
يُعتقَد أن الحكومة الإيرانية تنتهج سياسة تقوم على الاستيعاب القسري عبر محاولة القضاء على الثقافة العربية الأحوازية. فعلى سبيل المثال، تشترط السلطات الإيرانية إطلاق أسماء فارسية على المواليد الجدد العرب لإصدار وثائق ولادة لهم.
وقد وُجِّهت تعليمات إلى المدارس في #الأحواز بعدم تدريس اللغة العربية التي يُمنَع أيضاً التكلّم بها في البرلمان والوزارات. والإعلام العربي محظور في المنطقة. يعتبر سكّان #الأحواز أن لهجتهم العربية الخاصة ببلاد ما بين النهرين والتي يتشاطرونها مع سكان جنوب العراق هي لغتهم الأم. أما الصحافيون الذين يجرؤون على انتقاد هذه البربرية الثقافية فيُزَجّون في السجون.
عام 2007، مثل ستّة عرب من سكّان #الأحواز أمام محاكم لا تراعي القوانين ومبادئ العدالة، وحُكِم عليهم بالإعدام بتهم اعتناق الإسلام السنّي وإطلاق أسماء سنّية على أولادهم، ورفع العلم العربي الأحوازي الأبيض، واعتُبِروا بأنهم "أعداء لله" مما يشكل تهديداً للأمن القومي.
وقد أدان المجلس الأوروبي والبرلمان الأوروبي والأمم المتحدة والعديد من منظمات حقوق الإنسان بما في ذلك "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية، تلك المحاكمات وسواها من المحاكمات الصورية المماثلة التي انتهت بإعدام الأشخاص، ناهيك عن أحكام عاجلة أخرى بالإعدام.
على الرغم من المظالم الشديدة التي يشتكي منها عرب #الأحواز على صعيدَي حقوق الإنسان والاقتصاد، بيد أنهم يظلّون متمسّكين بقوّة بحقّهم التاريخي في وطنهم الأم العربي. كانت #الأحواز إقليماً مزدهراً في بلاد ما بين النهرين طوال قرون، وكانت تنعم بالثروة بفضل زراعة قصب السكّر. وتبيّن أيضاً أنها أرض خصبة للباحثين والشعراء والفنّانين المسلمين.
وبإلقاء نظرة تاريخية على #الأحواز، فإننا نجد أنه منذ منتصف القرن السابع حتى منتصف القرن الثالث عشر، حكم الخلفاء الأمويون والعبّاسيون شعبها، وقد ازدادت أعداده بقدوم القبائل العربية المترحِّلة من شبه الجزيرة العربية. أسفر اجتياح قام به المغول بقيادة جنكيز خان عن تدمير الجزء الأكبر من #الأحواز ثم احتلّها لاحقاً مؤسّس الأمبراطورية التيمورية، تيمورلينك، وخلفاؤه حتى مطلع القرن السادس عشر عندما سقطت تحت سيطرة السلالة الصفوية الفارسية.
باتت #الأحواز تُعرَف بمنطقة عربستان التي تتمتّع بحكم شبه ذاتي نحو أواخر القرن السادس عشر عندما تدفّقت إليها القبائل العربية من جنوب العراق كما وصلتها عشيرة من بني كعب النافذين الذين تعود أصولهم إلى المنطقة الوسطى في الجزيرة العربية.
حارب بني كعب بقيادة الشيخ جابر الكعبي لدرء عمليات الغزو البريطانية والعثمانية. وكان الشيخ جابر حاكماً حكيماً أرسى القانون والنظام وحوّل مدينة المحمرة الساحلية مرفأ حراً يعجّ بالحركة.
في مستهلّ القرن العشرين، اكتُشِف النفط حول المحمرة، فلم يهدر البريطانيون وقتهم وبادروا على الفور إلى تأسيس شركة النفط الإنجليزية-الفارسية وأبرموا معاهدة للتنقيب عن النفط مع خزعل، ابن الشيخ الراحل جابر الكعبي. وقد ضمنت المملكة المتحدة أمن عربستان ووافقت على تسديد دفعات للشيخ خزعل وشاه #إيران على السواء.
النفط الذي كان يجب أن يشكّل نعمة لعرب #الأحواز تحوّل في الواقع نقمة. فعندما أدرك الشيخ خزعل أن أطماع رضا شاه تمتدّ إلى عربستان وثروتها النفطية، تحالف مع معارضي الشاه وطلب من البريطانيين الدفاع عن شعب #الأحواز ودعم انفصال المنطقة المحقّ واستقلالها عن بلاد فارس لتصبح دولة عربية.
لكن عندما وجدت بريطانيا نفسها مضطرّة إلى الاختيار بين عربستان وطهران، نكثت بمعاهدتها مع خزعل ودعمت الشاه، لا سيما وأن لندن أرادت استقطاب #إيران إلى صفّها لتكون بمثابة حصن موالٍ للغرب في وجه انتشار الشيوعية السوفياتية.
عام 1924، رفع خزعل الذي تعرّض للخيانة على يد إنكلترا التي طبّقت نهجاً ازدواجياً، قضيّته أمام عصبة الأمم لكنها رُفِضت في غياب الدعم من المملكة المتّحدة. نظراً إلى أن بلاد فارس كانت قد أصبحت عضواً في عصبة الأمم قبل ضم عربستان، ومما يترتب عليه أن طهران كانت ملزمة بالتالي بالتقيّد بقوانين تلك العصبة التي تُحظّر الغزو، وعليه يجب إعادة النظر في ذلك القرار غير العادل.
بعد عام، أصدر الشاه أمراً بخطف الشيخ خزعل وسجنه وقتله. وبمساعدة من بريطانيا، حقّق رضا شاه سيطرة مطلقة على المنطقة الغنيّة بالنفط وغيّر اسمها إلى خوزستان بعدما عُرِفت بعربستان طوال خمسة قرون. وفي المرحلة الممتدّة من 1928 إلى 1946، أشعل سكّان #الأحواز تسع انتفاضات لم تتكلّل بالنجاح، ومنذ ذلك الوقت رأت حركات انفصالية عدّة النور، لكن الحكومة الإيرانية قضت عليها معتبرةً أنها تفتعل الشغب أو أنها تؤدّي دوراً تجسّسياً لمصلحة بلدان أجنبية.
اليوم، تنتج #الأحواز أربعة ملايين برميل نفط في اليوم، أي 87 في المئة من الإنتاج النفطي الإيراني، إلا أن السكّان الأصليين لا يُفيدون كثيراً من العائدات النفطية لناحية التوظيف والبنى التحتية والرعاية الاجتماعية. فخمسة عشر إلى عشرين في المئة فقط من العاملين في الصناعة النفطية هم من العرب، ويشغلون في شكل أساسي وظائف يدوية.
يملك حوالى ثمانية ملايين عربي في #الأحواز بطاقات هوية إيرانية لكنهم ليسوا فرساً. ويسري في عروقهم دم عربي مثلهم مثل العرب في دول مجلس التعاون الخليجي. لذلك أناشد الدول العربية دعوة الجامعة العربية إلى دراسة أوضاعهم ورفع حقهم في تقرير مصيرهم إلى مجلس الأمن الدولي. فالتخلّي عنهم هو وصمة عار على جبين الأمّة العربية التي ينتمي إليها عرب عربستان بكل فخر واعتزاز.