قلتها سابقاً وأكرر، هذا الارتفاع المستمر في أسعار الفائدة لن تُحمد عقباه، يتعدى حدود #الولايات_المتحدة_الأمريكية ويمتد أثره ليصل إلى العالم بأسره. فهذه الزيادة غير المسبوقة في معدلات الفائدة، التي لم يشهدها المشهد العالمي منذ أكثر من عقدين، أصبحت مصدر تهديد حقيقي على مدى الأعوام الماضية. خاصةً لما يترتب عنها من تأثيرات بعيدة المدى على الدول والشركات وحتى الأفراد. لكونها مسلحة بدرعٍ متين، ألا وهو #الدولار الأمريكي.
وبينما يتجاوب #الاقتصاد_العالمي مع قرارات #الولايات_المتحدة_الأمريكية، مكرهاً لا بطل، تؤثر هيمنة #الدولار الأمريكي بشكل مباشر عليه. بمعنى أنه حتى تلك الدول التي تتمتع باقتصاد قوي ومستقل، ولا ناقةً لها ولا جمل بالدولار، سيتأثر اقتصادها وتجد نفسها مضطرة لتحذو حذو #الدولار، ترتفع مع فائدته وتنخفض قيمة صرفها أمامه، نظراً لهيمنته كعملة عالمية.
وهذا الاتجاه التصاعدي في معدلات الفائدة تمتد عواقبه لتشمل للأعمال التجارية والاستثمارات والاقتصادات على الصعيدين العالمي والمحلي. وإذا لم يتم السيطرة عليه، فقد يزيد من التفاوت بين الاقتصادات العالمية، ويوسع #الفجوة_الاقتصادية بين الدول، كما لو كانت حلقة مفرغة لا ينتج عنها سوى التأزم الاقتصادي. يمكننا ملاحظة أثر #ارتفاع_الفائدة على عالم الأعمال بوضوح، حيث تؤدي تكاليف الاقتراض المرتفعة إلى تقليل النفقات الرأسمالية، مما يعوّق النمو ويعرقل خطط التوسع. وبالمثل، يصبح المشهد الاستثماري محفوفاً بالصعوبات، حيث تحدّ معدلات الفائدة العالية من تدفق رؤوس الأموال وتهزّ ثقة المستثمر. وكما أنه لا يمكن لأي من قطاعات الاقتصاد أن يسلم من شر هيمنة #الدولار، بما في ذلك مجالات العقارات والتصنيع والاستهلاك وغيرها من الصناعات التي ستتحمل عبء هذا النمو المتزايد في معدلات الفائدة. وهنا أؤكد على ضرورة معالجة هذه الشأن على الصعيد العالمي من خلال التعاون الدولي.
ولا يخفى على أحد أن قرارات #الولايات_المتحدة_الأمريكية هي ردود فعل على مشاكلهم الداخلية فحسب. لا يفكرون أبعد من حدودهم الجغرافية عند سنّ أي قرار يؤثر على العالم بأسره من شماله إلى جنوبه. فهيمنة #الدولار كعملة احتياطية عالمية تجبر دول العالم على اتباع تعليماتهم، ويجدون أنفسهم مضطرين لرفع معدلات الفائدة بالتزامن مع التغيرات التي تطرأ على #الدولار الأمريكي.
وكمثال على تأثر #الاقتصاد_العالمي ككل بقرارات الولايات المتحدة، نرى الدول الناشئة أو النامية، على سبيل المثال، تتأثر بارتفاع معدلات الفائدة، حيث يشل اقتصادها بشكل شبه كلي، وإن كانت بعيدة عن أميركا بآلاف الكيلومترات. فارتفاع الفائدة يزيد من تكاليف الاقتراض للشركات والحكومات وحتى الأفراد، مما يعوّق فرص النمو والتنمية، كما أنه قد يقلل من إقبال المستثمرين على تلك الدول، ويؤثر كذلك على قيمة العملات الوطنية. بالتالي، تختفي تنافسية المنتجات والخدمات الوطنية في الأسواق الدولية. وكنتيجة حتمية، تقل فرص الاستثمار وتتلاشي فرص العمل.
ومع كل ذلك، نرى بشكل جلي أن الولايات المتحدة جلّ ما يعنيها هو مسائلها الداخلية، ولا تقلقها التأثيرات بعيدة المدى لسياستها المالية على #الاقتصاد_العالمي. لذا، فإنه من الضروري أن نتحلى بالوعي كأضعف الإيمان، وأن نجد سوياً وسيلةً تخلصنا من هذه الأغلال التي تكبّل اقتصاداتنا، والأمر يبدأ من السعي المشترك من جميع الدول، بغض النظر عن مكانتها الاقتصادية. فتجاهل هذه المخاوف لا ينتج عنه سوى اقتصاد عالمي هش بكل المقاييس.
في الختام، أناشد صناع القرار وقادات العالم أن يتصرفوا قبل وقوع الفأس بالرأس، وأن يعملوا معاً لتنسيق سياساتهم النقدية وتبني استراتيجيات لتجنب تفاقم الوضع، وضمان عدم إحداث أضرار بالاقتصاد العالمي قبل فوات الأوان. تحقيق هذا التوازن هو السبيل الوحيد لدعم الاستدامة الاقتصادية والاستقرار العالمي.