كلمة خلف أحمد الحبتور
مهرجان طيران الإمارات للآداب لعام 2015
باسم الله الرحمن الرحيم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حضرة السيدات والسادة. يسرّني أن أشارك من جديد في مهرجان طيران الإمارات للآداب.
أتوجّه بالشكر إلى إيزوبيل أبو الهول، مديرة المهرجان التي أطلقته عام 2008، وفي كل عام يزداد نمواً وحضوراً.
أود أن أركّز كلمتي اليوم على حقوق الإنسان.
تسود نظرة خاطئة خارج الإمارات بأن بلادي تحرم سكّانها من التمتع بحقوق الإنسان. لست أفهم! وأرغب في إثارة أكبر قدر ممكن من النقاش حول الموضوع. أرجو أن تعيروني آذاناً صاغية وتسألوني كل ما يخطر في بالكم عن الموضوع بعد انتهائي من إلقاء كلمتي.
أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" التابعة للأمم المتحدة مؤخراً تقريرها السنوي. وقد أصبت بالصدمة عند قراءته! يستحيل أن تكون الإمارات هي المقصودة بالتقرير.
أود الرد على بعض الخلاصات الأساسية التي وردت في التقرير، وتفنيدها بهدف دحضها.
تُقسَم المواضيع المذكورة في التقرير إلى خمس نقاط.
سوف أستعرضها نقطة تلو الأخرى، وألفت انتباهكم إلى المغالطات الواردة في هذا التقرير المضلِّل إلى أقصى الحدود. تركّز النقطة الأولى على "الاعتقال والتعذيب والمحاكمة المنصفة".
ذكر التقرير أن الإمارات العربية المتحدة اعتقلت عام 2014 أشخاصاً تعتبر أنهم يشكّلون تهديداً للأمن القومي، وانتقد القانون الجديد الذي أقرّته الإمارات لمكافحة الإرهاب.
الإمارات العربية المتحدة لا تعتذر ولن تعتذر على اتخاذ إجراءات صارمة ضد كل من يهدّد أمنها القومي أو سلامة مواطنيها والرعايا الأجانب المقيمين فيها.
لن تتوانى الإمارات العربية المتحدة أبداً عن حماية أبنائها من الأشخاص الذين لا يحترمون الحرية والفرص وأنماط العيش الكريم التي تؤمّنها بلادي للمواطنين الإماراتيين والرعايا الأجانب على السواء والتي يُحسَدون عليها.
أليس من حقنا أن نحمي عائلاتنا ونعتقل الأشخاص الذين يهدّدون أمننا وسلامتنا؟
انظروا ماذا حلّ بالبلدان الأخرى التي لم تتوخَّ الحيطة والحذر! لا نريد أن يتعرّض أمننا وسلامتنا للتهديد.
نريد أن نكون على يقين من أن قادتنا يحموننا من الأذى.
إذا هدّد أحدهم أمننا، لا يجوز أن نسمح له بأن يسرح ويمرح في شوارعنا. كل من يشكّل تهديداً لبلادنا وأمننا، يجب التعامل معه بحزم شديد.
النقطة الثانية تتعلق بـ"حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمّع".
ورد في التقرير أنه في أغسطس الماضي، أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة قانوناً لمكافحة الإرهاب من شأنه منح السلطات الإماراتية صلاحية ملاحقة المنتقدين والمعارضين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان السلميين بصفتهم إرهابيين.
لن نسمح على الإطلاق لعناصر من "الدولة الإسلامية" (داعش) أو تنظيم "القاعدة" أو المجموعات المرتبطة بـ"الإخوان المسلمين" أو أية ميليشيات عدوة أخرى، بأن يوزّعوا على شبابنا في المتنزهات مناشير بهدف تجنيدهم.
أما بالنسبة إلى حرية التعبير، فنحن نتمتّع بامتياز لأننا قادرون على مقاربة قادتنا لمناقشة شؤوننا، وهم منفتحون على الدوام لتقبّل النقد البنّاء.
انظروا ماذا فعلت حرية التعبير أيضاً بالغرب...
في لندن وسواها من المدن الكبرى في الغرب، يملك الإرهابيون مطلق الحرية لتوزيع المناشير في الشوارع.
يجنّدون الأشخاص تحت أنظار السلطات. كيف يُسمَح بذلك؟ هل هذا حق من حقوق الإنسان؟
إذا كانوا يجنّدون الإرهابيين ويدرّبونهم على مرأى من المواطنين، فعلى الدنيا السلام.
يرد في النقطة الثالثة أن المحاكم الإماراتية تلجأ إلى قانون قمعي لمحاكمة منتقدي الحكومة.
لكن كيف لنا أن نجلس مكتوفي الأيدي ونتفرّج على من ينتقدون حكومتنا؟
انظروا إلى ما يؤمّنه قادتنا للمواطنين والمقيمين على السواء.
يخطّط قادتنا دائماً للمستقبل، من أجل نمو بلادنا وشعبها. وهذا يستحق الثناء لا الانتقاد.
لم يمضِ سوى 43 عاماً على تأسيس الإمارات العربية المتحدة، وانظروا ماذا حقّقت. تتمتع بلادنا ببنى تحتية وشركات طيران وفنادق من الطراز العالمي وسواها من المنشآت. ولا تُفرَض ضرائب على السكّان. لا تأخذ حكومتنا المال من جيوبنا.
يستطيع المواطنون والرعايا الأجانب على السواء أن يزدهروا هنا. يختارون العيش والعمل والتقاعد في الإمارات. لمَ يفعلون ذلك إذا كانت حقوقهم منتهَكة؟
يذكر التقرير أنه في يناير 2014، منعت السلطات دخول أحد أفراد طاقم هيومن رايتس ووتش ووضعت اثنين آخرين على القائمة السوداء عند مغادرتهما البلاد في أعقاب نشر التقرير العالمي لهيومن رايتس ووتش لعام 2014. ويضيف أن الإمارات العربية المتحدة صنّفتهم بأنهم يشكّلون خطراً على الأمن العام.
حسناً، تهانينا للسلطات الإماراتية لأنها أدركت أن هيومن رايتس ووتش منظمة تخريبية وتصرّفت على هذا الأساس! لا تفرش بلادي السجاد الأحمر للغوغائيين والمحرِّضين.
تنتقد النقطة الرابعة ما يُسمّى "سوء المعاملة" التي يتعرّض لها العمال الوافدون. ويورد التقرير أن هؤلاء لا يزالون يعانون من استغلال خطير.
كما يذكر التقرير أن العمال الوافدين - الذين يشكّلون نسبة مرتفعة من المقيمين الأجانب - يتقاضون أجوراً منخفضة و"لا يزالون يتعرّضون لانتهاكات ترقى لمصاف التشغيل القسري".
أدعوكم إلى التمعّن جيداً في هذه النقطة. يلقى العمال في الإمارات العربية المتحدة رعايةً جيدة من القطاعَين الخاص والعام اللذين يستثمران مبالغ طائلة لتأمين مساكن نظيفة مجهّزة بمكيّفات ومعيشة لائقة لليد العاملة في البلاد.
عند انطلاقة شركتي، كنا نعمل في قطاع الإنشاءات. وفي العامين الماضيين، استثمرت مجموعة الحبتور مليارات الدراهم في دبي.
يعمل آلاف عمّال البناء في مشاريعنا.
نتعامل معهم بتقدير، وقد أنفقنا الملايين على بناء مساكن لهم. نؤمّن لهم المسكن والمأكل. ويلقون رعاية جيدة.
وتأكيداً على هذه النقطة، أصبحت الإمارات العربية المتحدة أول بلد يقرّ عام 2007 قوانين لمكافحة الاتجار بالبشر.
وتُفرَض عقوبات شديدة على كل من تثبت إدانته باستعباد كائن بشري آخر.
لا وجود للتشغيل القسري في الإمارات؛ من ليس سعيداً هنا لديه مطلق الحرية للمغادرة.
الحالات المثبتة عن تعرُّض عمّال لسوء المعاملة نادرة - ومن المعروف أنها تحصل في كل مكان في العالم.
ليس التقرير منصفاً ولا موضوعياً باستناده إلى بضعة حوادث مؤسفة ومن ثم التعميم وإصدار الأحكام على هذا الأساس.
نصل إلى النقطة الخامسة التي تتطرق إلى حقوق المرأة.
ورد في التقرير أن "القانون الاتحادي رقم 28 لعام 2005 ينظّم مسائل الأحوال الشخصية في الإمارات وبعض من أحكامه يُميِّز ضد المرأة. على سبيل المثال، يشترط القانون قيام ولي الأمر بعقد زواج المرأة. وبالمثل، فإن الطلاق (من جانب واحد) يقع عندما يعلن الزوج هذا أمام قاضٍ".
ردّي هو أن الإمارات العربية المتحدة دولة مسلمة، وتستند أحوالنا الشخصية إلى الشريعة الإسلامية. تشنّ منظمة هيومن رايتس ووتش، من خلال هذه الفقرة، هجوماً على معتقداتنا الدينية، وهذا غير مقبول.
تُعامَل النساء في الإمارات باحترام أكبر بالمقارنة مع النساء في أماكن أخرى من العالم؛ فهن يلقين العناية والاهتمام ويحصلن على الفرص التعليمية والوظيفية نفسها مثل الرجال.
يكفي أن ننظر إلى أعداد النساء اللواتي يعملن في الوزارات والدوائر الحكومية والعديد من الميادين داخل القطاع الخاص.
هناك أربع سيدات في الحكومة الإماراتية، ونحن فخورون بالنساء اللواتي يتولّين قيادة طائراتنا.
لقد طفح الكيل! لن أسكت عن هجمات التجنّي التي تشنّها منظمة في نيويورك على وطني الأم بذريعة القلق على حقوق الإنسان. وأعتقد أنني أتكلّم باسم غالبية أبناء وطني الذين ابتلوا بقراءة الافتراءات والمبالغات الفاضحة المضمّنة في تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" لعام 2015 حول الإمارات العربية المتحدة.
في بعض الحالات، ادّعاءات المنظمة غريبة جداً بحيث أنه لا يسعني سوى التساؤل إذا كانت لدى واضعي التقرير أجندة سياسية شخصية، أم إذا كانت تلك المزاعم ملفّقة لأغراض دعائية تقف وراءها دولة ما.
على امتداد السنوات، اتّهمت بلدان عدّة منظمة "هيومن رايتس ووتش" بالتحيّز الأيديولوجي، وعدم توخّي الدقة في تقاريرها، والخضوع لإملاءات السياسة الخارجية الأمريكية.
لا يسعني سوى أن أكرّر ما قلته أمام المندوبين خلال الكلمة التي ألقيتها في قمة C3 في نيويورك في أكتوبر الماضي:
على منظمات حقوق الإنسان والإعلام الغربي أن تتوقّف عن محاولة وضعنا في القوالب الغربية.
لا نريد أن نتأثّر بالمفاهيم الأجنبية للديمقراطية وحقوق الإنسان.
نعرف جيداً ما الذي يناسبنا!
نرحّب بالجميع في الإمارات العربية المتحدة ما عدا ممثّلي منظمة "هيومن رايتس ووتش" وكل من يأتي بهدف شن هجمات تجنٍّ وافتراء مجافية للحقيقة على بلادي التي يشهد لها كثرٌ بأنها نموذج يُحتذى للعالم بأسره.
ختاماً، أودّ أن أطرح عليكم سؤالاً.
هل كنّا لنجلس جميعنا هنا لو كنا نعتقد أننا محرومون من التمتع بحقوق الإنسان؟ أكثر من 80 في المئة من سكّان الإمارات هم من الرعايا الأجانب.
إذاً أجيبوني... هل يُعقَل أن يتواجد هذا العدد الكبير من الرعايا الأجانب في بلادنا لو أن الإمارات ترتكب انتهاكات منهجية لحقوق الإنسان؟
كلا! نعيش في واحد من المجتمعات الأكثر تقدماً في العالم - وننعم أيضاً بالأمان!
شكراً لكم.