المصدر: اليوم السابع
رجل الأعمال الإماراتى خلف الحبتور: عبد الفتاح السيسى أزال العقبات أمام المستثمرين والمشكلة فى الدوائر الحكومية. سألناه:لو طلب منك الاستثمار فى مصر أثناء حكم الإخوان هل كنت ستقبل؟ فقال:أعوذ بالله
خلف الحبتور هو رجل عصامى بدأ من الصفر، حتى صار واحدا من أهم رجال المال والأعمال فى العالم. ويتولى منصب رئيس مجلس إدارة مجموعة الحبتور، إحدى أكثر الشركات نفوذاً فى منطقة الخليج، وحاز فى مسيرته الحافلة على أكثر من 30 جائزة عالمية.
عن شعاره فى مسيرته العملية يقول رجل الأعمال الإماراتى خلف الحبتور: «أؤمن بما يسمونه فى الغرب النظام فى الحياة، أو ما يطلق عليه بين العرب والمسلمين الدستور، وهو دستور الله سبحانه وتعالى، من خلال تنظيم حياتنا مع الروتين اليومي».. ويتابع: مشكلة العرب عامة أنه لا يوجد لديهم شىء اسمه نظام، فقد قال الله تعالى «وجعلنا الليلَ لباسا وجعلنا النهار معاشا»، ونحن فى دولة الإمارات طبقنا الآية نحن نعمل في النهار والليل للراحة والسكون.
يعتقد الحبتور أن النجاح يأتي من الإنضباط. لا بد من النظام فى الإفطار والغداء والعشاء والنوم مبكرا والعمل أيضا مبكرا، والجلوس مع العائلة التى تأتى فى المرتبة الثانية بعد العمل وهو بمثابة أولوية، لأنه بدونه يصبح الشخص عاطلا لا يستطيع رؤية زوجته وأولاده، ولهذا يجب أن يُخلق لهم عمل وراحة، مع رؤية الأولاد والأحفاد الصغار الذين هم أوكسجين الحياة وهم نعمة من الله سبحانه وتعالى.
يحكى عن والده بمحبة بالغة، وكيف أثر فى شخصيته ومنحه وصفة النجاح قائلا «أتذكر قصة فى صغرى أصطحبني الوالد للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رغم عدم حبى للذهاب إلى المجالس في البداية، ولكن والدى أعطانى نصيحه فهو يحب الجمال والصحراء وقال لما تدخل المجلس لو فيه 100 واحد اعتبرهم كأنهم ليسوا موجودين، وضع عينك فى عين الشيخ راشد فقط، واذهب إليه، جربت نصيحته مرة مع الثانية ووجدت أنه على حق وأحببت الشيخ راشد حيث أعطانى وقودا من العلم وكنت أذهب إليه 5 مرات يوميا، واستفدت من علمه، فقد كانت جلسته مثل البرلمان الناجح، وكنت الأصغر سناً والأقرب له، وكنت دائما معه ونتحدث فى أمور كثيرة ونتشاور، وكان هذا أساس نجاحي.
بداية نرحب بك فى بلدك مصر. كيف بدأت رحلتك من مرفأ صغير إلى الإمبراطورية الاقتصادية التى أنت على رأسها الآن.وما رسالتك للشباب فى مصر والعالم العربى؟
رحلتى وثقتها فى كتاب "خلف أحمد الحبتور السيرة الذاتية" وهى قصة طويلة. يريدون فى أمريكا والمملكة المتحدة والإمارات العربية المتحدة تمثيل سيرتى الذاتية. لقد نشأت في أسرة صغيرة، فى صغرى لم أكن أجلس مع الصغار ممن هم فى نفس سنى، أو ألعب معهم. كنت أذهب مع أبى لأنه كان يحبنى كثيراً، ولم يكن ينام إلا إذا نمت بجواره. علمنى ركوب الجمال والصيد بالبندقية والسباحة فى البحر وعلمنى كل هذه الأشياء المهمة، وكان دائما يأخذنى إلى مجالس الكبار، ويطلب منى التركيز فى أمثلة الناجحين وكيف يعملون، وبدأت من حينها ألتقط كل هذا الكلام، لكن دون القدرة على تنفيذ كل هذا الكلام بحذافيره.. ففى الـ 14 من عمرى كنت أذهب للمدرسة وفى الصيف قدمت طلبا للعمل فى شركة فرنسية كمترجم إنجليزى بين السائقين، ولكننى فشلت، فعملت مع شخص إنجليزى على التصوير الجيولوجى وفى يوم من الأيام جاء لى وأتى بمياه تنظيف ومكنسة وطلب منى تنظيف المكان، فغضبت لأن عاداتنا لا تسمح بذلك، فطلب منى الجلوس، وأمسك بالمكنسة وبدأ التنظيف بنفسه، فقلت معقول رئيسى فى العمل يكنس، فسارعت إلى الإمساك بالمكنسة لتنظيف المكتب، فقال لى: عاداتكم كعرب تعتبرون ذلك عيبا، لكننا كإنجليز لا نعتبر ذلك عيبا، فقلت له ليس لدى عيب فى ذلك، ومنذ تلك الأيام أصبح العمل بالنسبة لى لا عيب فيه والكد والتعب على الأهل بالكرامة ليس عيبا وكانت هذه أولى الخطوات في حياتى.
لو تحدثنا عن رؤيتك للأوضاع فى مصر فهناك تحول كبير جرى بعد 30 يونيو كيف كنت ترى مصر قبل وبعد 30 يونيو؟
الإنسان ليس معصوم وفى الحقيقة نحن فى دول الخليج كنا نحترم ونقدر الرئيس مبارك، ونقدر الرئيس السيسى فيما بعد، ولكن لم نكن نعلم بالعمق إذا ما كان هناك صواب أو خطأ فى الإدارة لأننا بعيدين، ولأننا نرى الظاهر والخارج على الإنسان وليس ما فى القلب. الثورات تؤثر كثيراً وتتطلب وقتا للملمة الجرح أو الكسر أو الشرخ، ولكن إذا كان العزم موجودا، فأعتقد أن هذا الشرخ يمكن معالجته فى أسرع وقت ممكن إذا كان هناك القرار، ولا أريد الحديث عن الماضى والحاضر، ولكن اتخاذ القرار هو أصعب شىء فى الحياة ولا يوجد شىء أصعب من القرار. ومن يتصف بالرجولة هو صاحب القرار. و 30 يونيو كان قرارا من الشعب المصرى والشباب والشابات الصغار.
لو كان طلب منك الاستثمار فى مصر فى حكم الإخوان هل كنت ستقبل؟
لا... أعوذ بالله
فى بداية العام أعلنت عن استثمارات بـ8 مليارات دولار وقلت إنك تنتظر رد الحكومة المصرية ثم هدأ الأمر تماما. هل تراجعت أم أن هناك تركيزا فى استثمارات جديدة؟
لم نتراجع وقدمنا طرحنا للدولة وشرحنا كل شىء برسائل ولكن أقول دائما إن الدولة وكذلك الشركات الصغيرة لديها أولويات يجب حلها.
الناس تسأل عن زيارتك الثانية فى وقت قصير لمصر خاصة بعد الإعلان عن بعض المشاريع. فما هى روشتة حل مشاكل الاستثمار فى مصر برأيك؟ خاصة وأنتم أثبتم نجاحا كبيرا فى تبنى مشروعات استثمارية كبيرة فى عدد من الدول؟
لقد وضعت أسسا ثابتة ودائمة فى تحرير وإنعاش الاقتصاد.. وبعض الدول لا تمتلك الأموال ولكن هذا لا يعنى أنها لا تستطيع جلب الأموال. ودائما أقول أن إنقاذ اقتصاد أى بلد فى العالم هو فى البنية التحتية ويجب تشغيل المواطن كما فى الإمارات أو مصر أو بريطانيا، ويجب الاستفادة والتعلم من الدول الناجحة، إنه ليس عيبا. أن نتعلم من الأصغر منى سنا أو البلد الأحدث.. هذا شىء لابد من الاستفادة منه. البنية التحتية لا تعنى الطرق أو الجسور، بل أكبر من ذلك، فهى تشغيل وتحريك الشعب ككل، كالموانئ البحرية والمطارات والجامعات والسكك الحديدية.. هذه أشياء يجب خلقها حتى لو لم نكن فى حاجة لها، يجب خلقها لصنع عمل أساسى للشعب. هذه مهمة جداً، هل من المعقول أن تستورد مصر %85 من الأقماح رغم أن الله منحها الأراضى والنيل العظيم، لا أصدق هذا!.. لابد أن تضمن الدولة للفلاح زرع كل هذه الأراضى وشراء المحصول مثلما فعلت بريطانيا وأمريكا والإمارات مع مواطنيها، وشرائها وتوزيعها كدولة، هذا الأمر ضرورى أن يحدث. الشىء الآخر لا بد من تشجيع السياحة فهى جزء مهم جداً لأى بلد فى العالم حتى البلدان الأولى فى العالم تصرف المليارات لإحضار السائح لأنه يفيد الدولة ككل، من حيث الفيزا والاستقبال فى المطارات وراحة الراكبين بعيداً عن إجهادهم فى التحقيقات. أشعر حين زيارتى لنيويورك أننى نازل فى بيتى حيث تستقبلنى سيارات من تحت الطائرة تأخذنى إلى الفندق، وكذلك عند السفر، وهذا الشىء مهم جداً لدولة عظيمة كمصر. بلد التاريخ والحضارة الشىء الثالث، بريطانيا باعت مطارات هيثرو وكذلك مقر وزارة الدفاع الذى أديرت منه الحرب العالمية الثانية.. لقد نزلت فى هذا المقر الذى تحول لفندق، باعوا تاريخ وانتصارات بينما فى مصر رفضوا بيع الفنادق وقالوا هذا تاريخ يا أخى بيعوا وارتاحوا.. أنتم دولة عظيمة وانسوا كل هذا.
ربما يكون سبب عدم الجدية من الجانب الحكومى هو الإرث السيئ وخاصة خلال الـ 15 عاماً الأخيرة. من وجهة نظرك كيف تتحرك القيادة المصرية من خلال الوزراء ودوائر الاختصاص فى هذا الملف؟
كل شىء له اختصاصه. ومن وجهة نظرى يجب أن تتحرر الحكومة من جمع المجالات التى بها منافسة مع المواطن المصرى وتخرج من هذا الأمر تماما. عليها التخلص من الفنادق وبيعها لشركات مساهمة عامة وكذلك المصانع عدا المصانع الحربية والعلمية منها. على الحكومة أن تخصخص مصانع الأسمنت والحديد وكل هذه الأمور وتشجع المستثمرين وتدعمهم من أجل الإنتاج، بالإضافة لذلك. لقد فشلت الفكرة القائمة على أن الحكومة تضبط كل شىء. فمثلاُ الإمارات العربية المتحدة كمثل عربى نفتخر بها وبنجاحها. والرجال الذين قاموا بقيادتها كرئيس الدولة ونائبه عملوا كشركاء معنا فى النجاح مع المقيم والزائر سواء عربى مسلم أو مسيحى أو هندوسى واهتموا به. ونحن نقول دائما نحن نهتم بالزائر والمقيم لأننا فى سفينة واحدة، ولكن دخول الحكومة فى هذه الأمور سيعيدنا ألف عام للوراء.
فيما يتعلق بفكرتك بالاستثمار فى الفنادق، هل ناقشت الفكرة مع الحكومة؟
التقينا رئيس مجلس إدارة الفنادق، وقالت دعنا للتفكير فى الموضوع، ولكن أحد الحضور قال هذا تاريخ. نحن مستعدون لاستقدام شركات عالمية أجنبية تجرى دراسة لتقييم الفنادق ويتم الاستثمار من خلال مساهمة المستثمرين المصريين. واقترحت أن تكون الوكالات التجارية كالسيارات للمصريين. أنا كعربى خليجى لا يحق لى امتلاك شىء، أرض أو بناية أما الوكالات التى تدر الأموال يجب أن تكون للمصريين.
كيف ترى فرص الاستثمار فى مصر؟
الاستثمارات الأجنبية تتطلب وضوحا من قبل الدولة. لقد زرت الرئيس السيسى وجلست معه وهو رجل أقدره واحترمه ومعجب به وكنت واضحا جداً معه، وقلت له نحن فى بلادنا نجلس مع رئيس الدولة ونتشاور فى الشؤون الصغيرة والكبيرة ونعطيه رأينا ونتشاور فهل أنتم فى مصر مسموح أن يعطى الإنسان رأيه، فقال لى أكيد، فتحدثت إليه عن موضوعات مهمة ومن حبى لمصر كان لا بد أن أطرح عليه أمرا، وتحدثت عن شارع صلاح سالم والعروبة، وهذا الشارع أسميه أكسفورد ستريت فى لندن. هذا الشارع به أراض فارغة ومسورة، وقلت له: أستطيع تحويل هذا الشارع إلى أجمل شارع فى العالم وأجمل من أكسفورد ستريت. قلت هذا من محبتى لمصر، أعلم أن مصر بها الرجال والفكر، لا نعلمهم ما يبيعون ويشترون ولكن هذه نصيحة يمليها واجب الأخوة.. فتنفيذ هذا الأمر يجمع مئات المليارات. هذا الشارع لا يوجد استفادة منه. إنه من أجمل الشوارع التى رأيتها فى حياتى لو اهتموا به، ولكن لا أعلم لماذا الانتظار.
بعد لقائك بالرئيس السيسى ورؤيتك الاقتصادية فى مصر، كيف ترى المعوقات التى تواجه أى مستثمر أجنبى أو عربى فى دخول السوق المصرى؟
جلست مع وزيرة الاستثمار داليا خورشيد وطمأنتنى، كما تحدثت للرئيس السيسى بنفسه وقالى لى يمكننا أن ننهى جميع الإجراءات التى تريدونها فى يومين «كتر الله خيره»، ولكن الموضوع ليس التراخيص بل فى الدوائر الحكومية الباقية التى ستسهل الأمور فيما بعد. مش كل ساعة هخبط على رئيس الدولة وأزعجه كل ساعة. لا يمكننى الذهاب للدائرة أو الوزير. لا علاقة لى بهم هذا عملي، أنا راجل جاى أصرف فلوس. وزراء الإمارات هم من يزوروننا فى مكاتبنا لأننا شركاء فى النجاح. يجب أن يخدمنا الوزير لأنه موظف الدولة التى أشارك فى نجاحها.
ما أهم المجالات ونوعية الاستثمارات التى ترى أن مصر بحاجة إليها فى الفترة المقبلة؟
أهم شىء هو تشغيل المواطن، ولا يمكن فعل هذا إلا من خلال البنية التحتية. ولا تعني البنية التحتية الشارع، بل أيضا المحطات الكهربائية والجامعات والمستشفيات والموانى. هذا هو ما يشغل المصريين.
لو انتقلنا إلى الأوضاع على الساحة الخليجية، الاقتصاد الإماراتى واحد من أهم وأكبر الاقتصاديات تنوعا، بينما معظم دول الخليج تعتمد على البترول فقط وهو ما ينذر بأزمات اقتصادية فى ظل تراجع أسعار البترول. كيف ترى المخرج من هذه الأزمة؟
السعودية وضعت برنامجها لما بعد البترول وستنجح بكل تأكيد، ونحن فى الإمارات لا نعتمد على النفط بل التجارة والأمور الأخرى. الإمارات لن تترك السعودية وكذلك الكويت والبحرين وعمان وأعتقد أن هناك وعيا فى دول مجلس التعاون الخليجى منذ مدة طويلة ومستعدون لذلك الأمر.
ما مدى قوة القطاع الفندقى فى دبى؟
أكملنا 100 ألف غرفة. وكل الفنادق فى دولة الإمارات خلال الفترة الماضية بالأعياد كانت كاملة بنسبة %100 من جميع الجنسيات والأديان والثقافات والحضارات. هذه هي الطريقة التي تعمل بها دولة الإمارات العربية المتحدة.
هل ترى أن هناك توجها غربيا بالتعاون مع إيران لاستهداف الخليج بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص فى الفترة الأخيرة؟
إيران أخطر من إسرائيل على العالم العربى. أعلم أن إسرائيل عدو للعرب، ولكن نحن نعرفها حق المعرفة وتفاهمنا تجاهها، ونعرف حدودها وهى لا تتخطاها، لكن إيران لديها خطة توسعية إرهابية وأنا حذرت دول مجلس التعاون الخليجى منذ 10 سنوات عبر كتاباتى عن الميليشيات الشيعية العراقية والحوثية «ولسانى جف من التحذير والتنبيه»، وآخر الشهر الجارى سأنشر مقالات بالإنجليزية والعربية عن الميليشيات. يجب أن نلتقط رأس الأفعى هناك قبل أن تصلنا ولكن الحمد الله لدينا القوة والرجال والفكر، والإرهاب الإيرانى خطر على أى بلد. التشيع والقتل والميليشيات أقوى من الجيوش. التعايش مع إيران مستحيل فى ظل الظروف الحالية.
بعد الدور الكبير فى إبراز حزب الله عام 2006 من خلال الجزيرة القطرية ووسائل الإعلام الخاصة بقطر، هل ترى أن قطر متحدة مع دول المجلس التعاون الخليجى قلبا وقالبا، أم أن هناك حالة شرود من قبل الدوحة؟
قطر مالها بد منا ونحن مالنا بد منها.. فأراضينا مشتركة.. ومستحيل أن تخرج قطر عن الخط، فجميعنا قبيلة وعائلة واحدة.
بالنسبة للانتخابات الأمريكية صرحت أن مليارات الدولارات ستسحب من أمريكا حال صعود ترامب للرئاسة. ما هو سبب الدعم الخليجى لهيلارى كلينتون رغم ارتكابها أخطاء وكوارث فادحة فى الدول العربية وتحديداً فى ليبيا؟
نحن نعرف هيلاري كلينتون في حين لا نعرف دونالد ترامب. ترامب يعمل لمصلحته الشخصية يشارك الشياطين فى العالم. اشتغل مع الروس أكبر عدو لأمريكا ويعمل مع الصين لحسابات شخصية. إنه ليس رجل ناجح، وللأسف الشعب الأمريكى الذى يدعم ترامب فئة لا تقرأ كثيراً وإن قرأت لا تفهم أو تستوعب، وكلينتون أفضل بكثير لأننا نعرفها ونعرف طريقتها وهى كذلك الأمر، وتعلمت من الأخطاء ولا أعتقد أنها ستكرر الأخطاء الماضية من المؤكد أنها ستكون الخيار الأفضل.